نقلا عن أحد مواقع الإنترنت الإخبارية
المسلسلات التركية و المشاهدون
يحز في النفس كثيراً رؤية التأثير الكبير لبعض المسلسلات التلفزيونية في مجتمعنا، بحيث تصبح حديث الناس ومحل اهتمامهم في مناقشاتهم اليومية، والأخطر من ذلك من وجهة نظري، هو أن يكون أبطال تلك المسلسلات بسلوكياتهم المخالفة للشرع وللقيم الإسلامية نموذجاً يحتذى وينظر إليه بكثير من الإعجاب والاحترام من مختلف الفئات العمرية.
كانت المسلسلات التركية المدبلجة وما زالت موضوعاً دسماً لكثير من الكتاب السعوديين، إما للنقد أو التندر، فالاهتمام بهذه المسلسلات فاق التصور حتى بتنا نسمع عن تغيير المئات من الفتيات أسماءهن إلى اسم بطلة المسلسل، وتسمية المواليد بأسماء الأبطال ذكوراً أو إناثاً، وحالات طلاق وخلافات زوجية بسبب الإعجاب بأبطال المسلسل، كذلك انتعاش السياحة إلى تركيا، حتى أصبح الحجز مستحيلاً لأشهر قادمة!!
إن التفكير بتمعن في الظواهر السابقة لأثر المسلسلات التركية على المجتمع يقود إلى استنتاج خطير هو أن بعضنا سهل الانقياد، قابل للاستعمار ثقافياً، فتغيير الاسم أو تسمية المواليد الجدد تيمناً بأسماء أبطال المسلسل دليل على التقليد الأعمى وعدم إعمال الفكر، وهو نتاج تربية أسرية تدعو إلى الطاعة العمياء بدون نقاش أو حوار وأسلوب تعليم يدعو إلى مثل ذلك ويتمثل في حفظ المعلومات واسترجاعها بدون ترك أثر على شخصية المتعلم أو نمو لفكره، ونتاج ذلك أشخاص ثقافتهم هشة اعتادوا التقليد، لا يعتزون بهويتهم الإسلامية ولا انتمائهم الوطني.
كما يدل الانبهار بأبطال المسلسلات التركية وما يتحلون به من رومانسية، على عطش الزوجين العاطفي وتصحر الحياة الزوجية في كثير من البيوت السعودية، ومرد ذلك أيضاً إلى التربية بالقدوة، فالزوجان يتصرفان عاطفياً، على الأغلب، بنفس الطريقة التي اعتادا على رؤيتها بين والديهما، بخلاف ما أمر به ديننا الحنيف من قيام الزواج على المودة والرحمة.
والخطير في المسلسلات التركية المدبلجة متابعة وانبهار الأطفال وصغار الشباب سريعي التأثر بها، وهي تروج أفكاراً مخالفة للشرع كالعلاقات غير الشرعية، كما تصور بطلات المسلسل وهن يرتدين ملابس قصيرة فاضحة مما يمثل دعوة مبطنة إلى الفتيات لتقليدهن خاصة مع إعجاب أبطال المسلسلات من الرجال بهن.
إن هذه المسلسلات وأمثالها تدس السم بالعسل، فجمال الممثلين وجودة التمثيل والإخراج يشد المشاهد ويدعوه إلى الإعجاب والتعاطف مع الممثلين والقناعة، لا شعورياً، بما يفعلونه ومع تكرار المشاهدة يصبح سلوكهم مقبولاً حتى لو كان مرفوضا شرعاً، فيسهل عندها مخالفة الشرع أو عدم استنكار سلوك من يخالفه وهو ما لا يجب السكوت عنه ويحتاج إلى وقفة حازمة من المسؤولين لإيقافه كحل سريع الأجل، أما الحلول طويلة المدى فتمثل ضرورة إحداث تغيير في سبل التربية ووسائل التعليم في بلادنا لتنتج أشخاصاً يعملون تفكيرهم بما يشاهدون لا قطعاناً سهلة الانقياد.
بقلم :د . فاطمة بنت محمد العبودي
نقلا عن أحد مواقع الإنترنت